الاثنين 09 فبراير 2015 - 06:00
التأم عدد من مهنيّي الصحافة والإعلام بخريبكة، إلى جوار نشطاء حقوقيّين، بإحدى فنادق المدينة، لتدارس واقع ومستقبل الإعلام والنشر على هامش انعقاد دورة تكوينية تهمّ "المقاربة الحقوقية في الإعلام"، نظمتها اللجنة الجهوية لحقوق الإنسان بكل من خريبكة وبني ملال، بشراكة مع جمعية خريبكة للصحافة الإلكترونية وجمعية عدالة من أجل الحق في محاكمة عادلة.
المعايير الدولية والتقييد
سعيد خمري، عضو المكتب التنفيذي لجمعية عدالة وأستاذ القانون الدستوري والعلوم السياسية، حاول في عرضه الأول ملامسة الجوانب المرتبطة بـ "ضمانات حرية الصحافة والنشر بين المعايير الدولية لحقوق الإنسان والتشريعات الوطنية"، حيث تطرق للمعايير الدولية لحرية الصحافة والنشر كالإعلان العالمي لحقوق الإنسان، والعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، واتفاقية Saragosa، والإعلان المشترك حول التحديات العشرة الرئيسية لحرية التعبير، مشيرا في نفس الوقت إلى الضمانات الدستورية لحرية الصحافة من جهة، وما تعرفه من تقييد مرتبط بقانون الصحافة والنشر لسنة 2002.
ومن بين مظاهر التقييد التي أشار إليها خمري إقرار عقوبات سالبة للحرية في قضايا الرأي والتعبير، واستثناء مقترفي جرائم الصحافة من ظروف التخفيف، ورفض تسليم الوصل، وجعل قرار الحجز بيد الإدارة، و إجبار مالك أغلبية رأس المال في مقاولة إعلامية على أن يكون مديرا للنشر، ووجود عبارات فضفاضة قابلة لتأويلات متعددة من قبيل المس بكل من النظام العام والدين الإسلامي والنظام الملكي والوحدة الترابية.
وأضاف ذات المحاضر أن من ضمن مظاهر التقييد غياب مبدأ حسن النية، وعدم تمكين المتهمين بالقذف بالإدلاء بما يثبت صحة الواقعة في أية مرحلة من مراحل الدعوى، و تطبيق نصوص جنائية أخرى في جرائم الصحافة والنشر، ومعاقبة ناقل القذف بحسن نية، وعدم تقييد التعويضات المحكوم بها على الصحفيين، وإقرار جنحة المس برؤساء الدول والوزراء والممثلين الدبلوماسيين المعتمدين، وتعقيد شروط النشر وإصدار الصحف، وإقرار حق وزير الاتصال في منع الجرائد والنشرات الدورية وغير الدورية من دخول المغرب مع عدم تخويل ذلك للقضاء.
المدونة الجديدة
وسطر سعيد خمري عددا من المقتضيات الإيجابية الواردة في مشروع مدونة الصحافة والنشر الجديد، ومن جملتها تأكيد المشروع على الالتزام بالدستور والمواثيق الدولية التي صادق عليها المغرب في ما يخص حرية الصحافة والنشر، والأخذ بحسن النية في تقدير التعويض عن الضرر، وتمكين الصحفي من تقديم أدلة الإثبات طيلة مراحل الدعوى، وإقرار الجزاء في حال رفض الإدارة تسهيل مهمة الصحفي في الحصول على المعلومات، واحترام قرينة البراءة وضمان الولوج إلى المعلومة القضائية.
وأضاف في نفس الصدد إقرار حماية الحق في الحياة الخاصة والحق في الصورة، وإحداث المجلس الوطني للصحافة كآلية للتنظيم الذاتي والنهوض بأخلاقيات المهنة والوساطة في نزاعات الصحافة، وإقرار مبدأ حسن النية في تقدير التعويض في قضايا القذف والسب، وجعل القضاء الجهة الوحيدة المختصة بتلقي تصريحات إصدار الصحف، وجعل الحجز والحجب والإيقاف بيد القضاء وحده، والعمل بالقضاء الجماعي في قضايا الصحافة، والاعتراف القانوني بالصحافة الإلكترونية، والتنصيص على ضمان حماية الصحفيين من الاعتداء..
وفي مقابل ذلك، أوضح أستاذ القانون الدستوري والعلوم السياسية أن المشروع يعرف حاليا قضايا عالقة ومقتضيات لا تزال تطرح إشكالات من قبيل مسألة إلغاء العقوبات السالبة لحرية الصحفيين، وعدم إقرار مبدأ حسن النية، وعدم تدقيق بعض العبارات الفضفاضة، والحق في الحصول على المعلومات، وضمان التنافسية بين المؤسسات الإعلامية، ومسؤولية مدير النشر، والمساس بحقوق المؤلف من قبل الصحافة الإلكترونية، والشروط العلمية لولوج المهنة، ووضعية الصحفي الحر، والتنظيم الذاتي للصحفيين.
الصحافة وحقوق الإنسان
واستفاد الحاضرون من ورشة تكوينية حول "الآليات الدولية لحماية والنهوض بحقوق الإنسان، نموذج الإعلاميين كمدافعين عن حقوق الإنسان"، حاول من خلالها المؤطّر والناشط الحقوقي عزيز ادمين تقريب الحاضرين من بعض المفاهيم المرتبطة بحقوق الإنسان، وإطلاعهم على مختلف المعاهدات الأساسية والاتفاقيات الدولية التي صادق عليها المغرب والتي تهتم بقضايا حقوق الإنسان، مشيرا إلى ضرورة اعتمادها والإشارة إليها في المواد الإعلامية ذات الصلة.
وختم الحاضرون اللقاء بتفعيل وأجرأة مضامين الورشة الحقوقية من خلال التعامل مع مقالات سابقة، حاولوا ربط مضمونها بالاتفاقيات الدولية، وكيفية تعزيز المواد الإعلامية بمقتضيات تلك الاتفاقيات، سواء تعلقت بالعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، أو الاتفاقية الدولية للقضاء على جميع أشكال التمييز العنصري، أو العهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، أو اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة، أو اتفاقية مناهضة التعذيب، أو اتفاقية حقوق الطفل، أو الاتفاقية الدولية لحماية حقوق العمال المهاجرين، أو اتفاقية حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة، أو الاتفاقية الدولية للحماية من الاختفاء القسري.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق